لماذا تبدو أعيننا أكثر انجذابا إلى بعض الأشكال والألوان والصور الظلية؟

لماذا تبدو أعيننا أكثر انجذابا إلى بعض الأشكال والألوان والصور الظلية؟

برنامج كمبيوتر يكشف عما تفضل أن تراه  الخلايا العصبية في القشرة البصرية


لأكثر من نصف قرن، عرف الباحثون أن الخلايا العصبية في الجهاز البصري للدماغ تستجيب لبعض الصور أكثر من غيرها، وهي ميزة مهمة للقدرة على التعرف على العديد من القرائن البصرية المحيطة بنا وفهمها وتفسيرها

على سبيل المثال، مجموعات معينة من الخلايا العصبية البصرية في منطقة من الدماغ تُعرف باسم القشرة الصدغية السفلية تطلق ومضات عصبية أكثر عندما ينظر الناس أو غيرهم  من الرئيسيات - وهي  حيوانات ذات أجهزة بصرية ومنسجمة للغاية - إلى الوجوه أو الأماكن أو الأشياء أو نص مكتوب - ولكن بالضبط ما الذي تستجيب له هذه الخلايا العصبية ظل غير واضح.

الآن، أسفرت دراسة صغيرة أجريت على قرود المكاك بقيادة باحثين في من  بلافاتنيك في كلية الطب بجامعة هارفارد عن بعض القرائن القيمة التي تستند إلى نظام ذكاء اصطناعي يمكنه تحديد ما يمكن أن تفضل أن تراه الخلايا العصبية في القشرة  البصرية في الدماغ بنحو موثوق.

نشر الفريق  تقرير ه  في عدد ٢ مايو ٢٠١٩ في في مجلة Cell .

الغالبية العظمى من التجارب حتى الآن التي حاولت قياس تفضيلات الخلايا العصبية استخدمت صورًا حقيقية. لكن الصور الحقيقية تحمل تحيزًا متأصلاً: فهي تقتصر على المنبهات (المثيرات) المتاحة في العالم الحقيقي وعلى الصور التي اختارها الباحثون للإختبار   البرنامج المستند إلى الذكاء الاصطناعي تغلب على هذه العقبة عن طريق إنشاء صور اصطناعية مصممة بحسب تفضيل كل خلية عصبية.

قامت ويل زياو Will Xiao، وهي طالبة دراسات عليا بجامعة هارفارد، بتصميم برنامج كمبيوتر يستخدم شكلاً من أشكال الذكاء الاصطناعي متجاوب  لإستحداث صور ذاتية الضبط تستند إلى استجابات عصبية تم الحصول عليها من ستة قرود مكاك.  وللقيام بذلك، قام الباحثون بقياس معدلات ارسال نبضات عصبية fire   من الخلايا العصبية البصرية الفردية في أدمغة الحيوانات أثناء مشاهدة صور على شاشة الكمبيوتر.

على مدار بضع ساعات، عُرِض على الحيوانات صور بومضات سريعة دام كل منها ١٠٠ ميلي ثانية،   برنامج شياو  Xiao قام بتوليد  كل منها. بدأت الصور بنمط تركيبي عشوائي في تدرج رمادي. استنادًا إلى مقدار إطلاق الخلايا العصبية المرصودة للوماضات العصبية fire، أدخل البرنامج تدريجيًا الأشكال والألوان، حيث تحولت بمرور الوقت إلى صورة نهائية تجسد تفضيل الخلايا العصبية تمامًا. وقالت شياو، لأن كل صورة من هذه الصور اصطناعية، فهي تتجنب التحيز الذي أدخله الباحثون تقليديًا  بمجرد استخدام الصور الطبيعية.

"في نهاية كل تجربة، ينتج هذا البرنامج حافزاً فائقاً  لهذه الخلايا"  كما قالت شياو


أوضحت مارجريت ليفينجستون، كبيرة الباحثين، استاذة  تاكيدا Takeda في علوم الأعصاب البيلوجية  Neurobiology في كلية الطب في جامعة هارفارد، أن نتائج هذه التجارب التي اجريت بشكل منفصل كانت متسقة عبر العديد منها.  تميل الخلايا العصبية المحددة إلى تطوير الصور من خلال البرنامج التي لم تكن متطابقة ولكنها كانت متشابهة بشكل ملحوظ.

كانت بعض هذه الصور منسجمة مع ما توقعته هي وزملاؤها. على سبيل المثال، الخلايا العصبية التي كانوا  يشتبهون في أنها قد تستجيب للوجوه أحدثت صورًا وردية اللون مستديرة وفيها نقطتان سوداوتان  كبيرتان تشبه العينين.  البعض الآخر كان أكثر إثارة للدهشة.  على سبيل المثال، الخلايا العصبية الموجودة في أحد الحيوانات تقوم دائمًا بتكوين صور تشبه جسم القرد، ولكن ببقع حمراء ظهرت بالقرب من عنقه. أدرك الباحثون في النهاية أن هذا القرد كان في قفص بالقرب من آخر يرتدي دائمًا طوقًا أحمراً.

وقالت ليفينجستون: 


"نعتقد أن هذه الخلية العصبية استجابت بشكل تفضيلي ليس فقط لجسم القرد بل لقرد معين"


وأضافت شياو أنه ليس كل صورة نهائية تبدو كشيء يمكن التعرف عليه. عصبون أحد القرود أنشأ مربعًا أسوداً  صغيرًا. وقرد آخر طور شكلاً أسوداً غير متبلور  مع برتقالة أسفله.

أشارت ليفينجستون إلى أن الأبحاث التي أجراها مختبرها وغيره من المختبرات قد أظهرت أن استجابات هذه الخلايا العصبية ليست فطرية، بل يتم تعلمها من خلال التعرض المستمر مع الوقت للمثيرات البصرية. وقالت ليفينجستون متى تظهر هذه القدرة على التعرف على صور معينة وإطلاق ومضات عصبية fire بشكل تفضيلي غير معروف.  تعتزم هي وزملاؤها التحقيق في هذا السؤال في الدراسات المستقبلية.

تعلم كيف يستجيب الجهاز البصري للصور يمكن أن يكون مفتاحًا لفهم الآليات الأساسية التي تحرك القضايا المعرفية بشكل أفضل بدءًا من صعوبات التعلم إلى اضطرابات طيف التوحد، والتي تتميز غالبًا بضعف في قدرة الطفل على معالجة إشارات الوجه والتعرف على الوجوه.


وقالت:
"إن هذا الخلل في جهاز المعالجة البصرية في الدماغ يمكن أن يتداخل مع قدرة الطفل على الاتصال والتواصل وتفسير الإشارات الأساسية من خلال دراسة تلك الخلايا التي تستجيب بشكل تفضيلي للوجوه، على سبيل المثال، يمكننا الكشف عن قرائن عن  كيف تتم التنمية الاجتماعية وما قد يخفق منها أحيانًا " 


https://www.blogger.com/follow-blog.g?blogID=4561514740690242802
google-playkhamsatmostaqltradent