هدف الكتاب تنمية مهارات التواصل والتحكم في اليد وخلق مهارات التفكير المنطقي والتركيز من خلال البحث عن المتاهات والاختلافات
متطلبات وحاجات النمو في الطفولة المبكرة
اولاً: متطلبات النمو الجسدي:
الأطفال في الطفولة المبكرة نشيطون ويستمتعون بالنشاط لأجل النشاط ذاته ويستطيعون التحكم في أجسامهم. وهذه الخاصية تتطلب من مناهج الروضة ومن الوالدين إتاحة الفرص الكثيرة والمتنوعة لهم للحركة والجري والتسلق والقفز. على أن تنظم هذه الاداءات الحركية بتوجيه وضبط. كما يتوجب على الوالدين تعليمهم مهارات حركية منظمة ومفيدة مثل السباحة وركوب الدراجات واللعب في الهواء الطلق. وغالباً ما يشكو الأهل من كثرة حركة هؤلاء الأطفال ويطلبون منهم أن يكونوا هادئين كالكبار وهذا أمر مجحف بالنسبة اليهم. كما ان الطفل الذي لا يتحرك كثيراً يجب أن يثير قلق الوالدين والمدرسة معاً
يحتاج الطفل بسبب تفجر النشاط عنده ونزعته الى العنف احياناً الى تنظيم فترات من الراحة من وقت لآخر، لذلك يجب أن يتضمن المنهج جدولاً بالأنشطة الهادئة بعد الأنشطة العنيفة وتوجيهاً لنشاط الأطفال كي لا تتحول الاستثارة المصاحبة للنشاط الحركي إلى توتر وصخب وشغب.
لما كانت العضلات الكبيرة عند هؤلاء الاطفال أكثر نضجاً من العضلات الصغيرة التي تمكنهم من التحكم بالاصابع واليدين، لذلك يجب تأمين أدوات كبيرة للنشاط والأداء كالفرشاة وأدوات التلوين وأدوات اللعب ذات الحجم الكبير.
يجد الأطفال في هذه السن صعوبة كبيرة في تركيز أبصارهم على الأشياء الصغيرة، ولهذا، فإن التناسق بين حركة اليد والعين ربما يكون ناقصاً. وهذا هو السبب الذي يجعلنا نطبع كتب الأطفال بحروف ورسوم وخطوط كبيرة الحجم وان نقلل قدر الإمكان من الأنشطة التي تتطلب النظر الى أشياء صغيرة.
بالرغم من ان جسم الطفل في هذه المرحلة يتصف بالمرونة وسهولة التكيّف واستعادة الحيوية والتوازن، إلا أن العظام التي تحمي الدماغ لا تزال لينة. لذلك يجب وقاية الاطفال من الالعاب التي تنطوي على مخاطر يترتب عليها إصابات الدماغ، وملاحظة الأطفال بعناية وتبصيرهم بذلك.
تبدي الفتيات تفوقاً على الفتيان في كثير من جوانب النمو وخصوصاً في المهارات الحركية الدقيقة. لذا يمكن تجنب الأنشطة التنافسية أو المقارنات بينهم على أساس المهارات.
ثانياً: متطلبات النمو الإجتماعي:يقود سيارته.
يميل معظم أطفال مرحلة الطفولة المبكرة إلى تكوين صداقات مع أقرانهم، كما يبدون رغبة وقدرة على اللعب مع معظم هؤلاء الأطفال. وبالرغم من أن تناسق بين حركة اليد والعين.الأطفال يميلون الى اختيار أفضل أصدقائهم من الجنس نفسه، الا ان كثيراً من الصداقات بين البنين والبنات تنمو في هذه المرحلة. وتعتبر إساءة الى الطفل عدم وضعه في مواقف تزخر بالانشطة التي تساعد على تنمية المهارات الاجتماعية والاتصال بالآخرين والمشاركة مع الأطفال الآخرين وعدم اقتصار محيطه على الكبار فقط.
تميل جماعات اللعب في هذه المرحلة الى تكوين جماعات صغيرة وغير منظمة في الغالب، فهي جماعات عرضة للتغير السريع، من هنا يجب ألاَّ نشعر الطفل بالذنب اذا ترك جماعة وانتقل الى اللعب مع جماعة أخرى. ويعتبر سلوكاً طبيعياً اذا انتقل الطفل من نشاط الى آخر، وهذا لا يستدعي القلق من قبل الاهل والمعلمين، ولكن من المهم جداً أن نضبط بعض الأنشطة ونطلب من الطفل عدم الانتقال الى نشاط آخر قبل انهاء ما طلبناه منه وذلك حتى لا يأخذ الأمر طابع عدم الاستقرار ولتعزيز القدرة على التركيز وبذل الجهد والمثابرة لانه سيحتاج إلى هذه المهارات في المراحل التالية. وتعتبر إساءة إلى الطفل اذا لم نعلمه المثابرة في هذه المرحلة.
كثيراً ما تحدث مشاحنات بين الأطفال لكنها لا تدوم طويلاً، وسرعان ما تتلاشى بالنسيان. ما يتطلب "بيئة مفتوحة" لنشاط والتفاعل، يتوافر فيها أنشطة وأدوات مختلفة بحيث تتعدد الأدوار ويسهل الانتقال من نشاط الى آخر. وقد نجد بعض الأهل يتدخلون في مشاحنات الأطفال ويعلمون الطفل الضغينة والكره، وهذا العمل يعتبر إساءة الى الطفل لانه رقصة ونشاط وتنمية للمهاراتهو شخصياً يكون قد نسي ما حدث.
يستمتع الأطفال باللعب التمثيلي والرسم في هذه المرحلة، وينبع معظم ما يبتدعونه من خبراتهم الخاصة، وبالامكان الافادة من هذه الخاصية في تنمية الابداع من طريق التدريب على التخيل، وفي التخفيف من التوتر وفي تعلم الأدوار الاجتماعية وكذلك في اكتساب بعض الخبرات. وقد ابتكر مورينو(5) السيكو دراما وفيه يقوم الطفل بأداء الأدوار المختلفة بإشراف المعالج. ويلاحظ سلوك الطفل في عدد من المواقف المختارة، مثلاً قد يطلب من الطفل أن يتخيل انه مع شخص وهمي وان عليه أن يقيم علاقة به، ثم تترك الحرية للطفل لتحديد الأطفال والأقوال والمواقف. إن مثل هذا الموقف يقصد منه الكشف عن دلالة العلاقة الاجتماعية للطفل وأسلوبه في الإتصال بالأشخاص الآخرين. ويعتبر مورينو أن اللعب التمثيلي، أي تمثيل مواقف اجتماعية معينة بالمشاركة مع الآخرين، يؤدي إلى إحداث أثر مريح وذلك من طريق التعبير عن انفعالاته الكامنة، فمن خلال اللعب التمثيلي يتعلم الطفل أن يستجيب للآخرين بينما يكون خجولاً في حياته اليومية، ومن أنشطة اللعب التي استخدمت لأسباب علاجية، طريقة الرسم بوصفه إسقاطاً للشخصية، وقد ذكر فرويد أن الفن والأحلام هي الطريق المؤدي إلى الأعماق. ففي هذا النوع من النشاط يستطيع الاختصاصي النفسي أن يفسر المشاعر والانفعالات، وكذلك السلوك العام من حيث مصادر الإشباع وإمكانية تحقيق الأهداف والقابلية للتكيف وعلاقة الطفل ببيئته والعلاقات داخل العائلة وخارجها والحاجات الأساسية.
ثالثاً: متطلبات النمو الإنفعالي:
يميل أطفال هذه السن إلى التعبير عن انفعالاتهم بحرية، وكثيراً ما يأتون بثورات غضب كردود فعل لبعض المواقف الضاغطة. لذلك من المفيد أن نسمح لهم بالتعبير عن مشاعرهم اللعب التمثيلي يسهم في بناء الشخصيةبحرية حتى يستطيعوا التعرف إلى انفعالاتهم ومواجهتها. ويقترح البعض أنه حينما نشجع الاطفال على تحليل سلوكهم في مناقشة هادئة وجدية معهم، من المحتمل أن يكتسبوا وعياً بسبب مشاعرهم، هذا الوعي قد يساعدهم على التحكم في مشاعرهم وتقبلها.
كثيراً ما تشيع في هذه السن مشاعر الغيرة بين الأطفال وينزعون إلى الحصول على عطف الكبار واستحسانهم ويتطلب ذلك من الكبار الانتباه إلى الطفل وامتداحه والاهتمام به وعدم مقارنته بالآخرين. وتعتبر إساءة إلى الطفل اذا لم نظهر له حسناته، ويستخدم بعض الأهل التأنيب والكلمات المهينة للطفل في أغلب الأحيان، حيث يتوجه الوالدان والمعلمون للأطفال إما بالأوامر وإما بالنواهي وإما بالتأنيب بدل تقديم تغذية راجعة ايجابية، أو يهددونهم بالتوقف عن محبتهم. وفي هذا الأمر إساءة الى الطفل لان محبة الوالدين هي أغلى ما يملك، ويمكن أن نقول للطفل بأننا لم نحب ما فعله ولكننا دائماً نحبه.
من حاجات الطفل الحاجة إلى الوسائط الثقافية والألعاب، وذلك للتخفيف من أزماته العاطفية، فللنمو في مختلف مراحله تحديات تطرح على الطفل كما ان مكانته وأدواره وتفاعلاته في المؤسسات المختلفة تولد لديه أزمات. والطفل المعاني ينهض بتلقائية لمجابهة تحدياته والتغلب عليها، وهو يفعل ذلك بشكل يكاد يكون لا واعياً، يتوصل اليه بتجسيد هذه الازمات في اللعب ضمن مجموعةكائنات (من الحيوان والبشر) ويخرج منها ظافراً. من هنا ولع الطفل بتكرار اللعبة ذاتها أو قراءة القصة ذاتها أو الطلب إلى الكبار روايتها عدداً لا متناهياً من المرات أو مشاهدة المسلسل نفسه أو سماع الشريط المسجل نفسه. انه بذلك يتخلص من أزماته تدريجياً من خلال شغلها نفسياً. ومن طريق اللعب على حرية التحرك بين الواقع والخيال والحقيقة والوهم، يستعيد توازنه ويحقق عافيته النفسية التي تفتح أمامه آفاق النمو السليم ومجابهة الحياة المستقبلية بثقة. ومن هنا فإن عدم قراءة الطفل القصص وروايتها وعدم مشاهدته للمسرحيات والأفلام وسماعه الأناشيد والأغاني يعتبر إساءة اليه لأن هذا يحرمه من حل أزماته العاطفية.
ومن حاجات الطفل الحاجات الجمالية والحاجة الترويحية. فالحس الجمالي عند الطفل لا يحتاج الى من ينميه، بل يحتاج الى من يقدم له فرص الاشباع كي يتفتح من خالحيوان صديق الاطفال.لال الشكل واللون والنغم. وتلعب الجماليات دوراً أصيلاً في عملية الانتماء الثقافي وبناء الهوية الوطنية. بمعنى ان بيئة الطفل يجب ان يكون فيها مسحة الجمال وأن نربي فيه الميل الى رؤية المشاهد الجميلة وتقديرها وهكذا نربي مواطنين حريصين على مظاهر الجمال في مجتمعهم ووطنهم والا يعملوا على إيذاء هذا الجمال سواء في الطبيعة أو في البيت أو في المحيط.
الطفل بحاجة الى معايير وقوانين تقنن رغباته وتنظم نزواته، فذلك مدعاة إلى حمايته من القلق الذاتي وبه تتحدد الذات، من خلال نظام المسموح والممنوع الذي يحكم العلاقات الاجتماعية، ويعتقد بعض الأهل أن القول للطفل "لا" قد يؤذيه ولكن نحن نعلم أن التربية هي التي تؤدي إلى انتقال الطفل من مبدأ الواقع وبناء الأنا الأعلى والضمير والإرادة عنده. فعندما نسمح للطفل بتحقيق كل رغباته ولا نقول له ''لا'' فإنه يضيع وينشأ ضعيف الإرادة تتحكم به نزواته، وقد بينت الدراسات ان الأطفال المدللين أو الذين يربون من دون قواعد وقوانين تكون عتبة الإحباط عندهم منخفضة، أي أنهم يتراجعون أمام أي صعوبة يواجهونها، كما أن درايتسلق شجرة في احضان الطبيعةسة الجانحين بينت ان قسماً منهم ينتمون إلى اسر لم يقل لهم أحد فيها ''لا''، ولم يكن في الأسرة قواعد وقوانين، وكانت تسود فيها تربية ترك الحبل مشاهدة التلفزيون من دون مراقبة الأهل تؤثر سلباً على التحصيل الدراسي.عل الغارب ما أدى إلى سيطرة مبدأ اللذة عليهم وإلى عدم قدرتهم على ضبط رغباتهم وأنفسهم. ويعتبر هذا الأمر إساءة الى الطفل.
الحاجة إلى الانتماء: اذا كان المجتمع يريد تنميط الطفل ثقافياً وصولاً إلى اكتسابه الشخصية المنوالية: فالطفل بدوره يريد بناء هوية شخصية تكفل له الانتماء الاجتماعي والعاطفي، وتتم هذه العملية من خلال سلسلة تماهيات يقوم بها الطفل بالأشخاص المرجعيين الذين يشكلون له المثل الاعلى والقدوة، والتي تبدأ بالوالدين وأفراد الأسرة وتتوسع لتشمل المعلمين والأتراب والأبطال والنجوم الاجتماعية. يبني الطفل هويته الذاتية ومنها يعبر لبناء الهوية الاجتماعية بمعناها الواسع، ولذلك، فإن قيمة الوسائط الثقافية تتوقف إلى حدّ بعيد على مقدار نجاحها في تقديم النماذج الجيدة (من شخصيات وأبطال وأدوار) التي بإمكان الطفل أن يتماهى بها. وإذا لم تحرص هذه الوسائط على جودة قيادة السيارة والتحكم باللعبة.الانتقاء ومتانة المثل وملاءمتها لاحتياجات الطفل في كل مرحلة، فهو سيلتقط بعفوية المناخ وقد يتحول إلى البدائل الثقافية المتسربة في الإعلام الجماهيري، وينهل منها. من هنا، فإننا نعتبر كإساءة الى الطفل، أولاً سلوك الوالدين اللذين ينهيان الطفل عن القيام بأمر ويقومان هما به، لأن الطفل يتأثر بالنموذج أمامه أكثر مما يتأثر بالكلام، وأبحاث باندورا تدل على ذلك، فمثلاً اذا أردنا من الطفل أن يقرأ فلن ينفع أن نقول له مئة مرة في اليوم لماذا لا تقرأ، فالاجدى في ذلك هو أن يرانا نقرأ فيتماهى معنا، أو أن نقول له لا ترفع صوتك ونحن نصرخ في وجهه طوال الوقت.